Sunday, October 1, 2017

الحب و وهم توأم الروح

مقال مترجم بتصرف واختصار بسيط من كتاب
 " Every Time I find the Meaning of Life, They Change it"
- Daniel Klein
أتمنى أن يرتقي لذائقتكم 

كادي



"الحب الحقيقي هو روح واحدة تسكن جسدين" - أرسطو
لو علم أرسطو ما قد تفعله بضع كلماته هذه في علاقات البشر على مر السنوات من بعده لأعاد النظر في نطقها، لأنها بطريقة ما تظهر لنا أن جميع العلاقات التي لا تندرج تحتها تعتبر علاقة باهتة و جافة وغير حقيقية . فتنتهي هذه العلاقات بعبارة " نحن لسنا روحا واحدة، فلننه العلاقة ". فحين نسخت تلك العبارة في دفتري كنت حينها هائما مؤمنا برومانسيات توأم الروح الأوحد ، أغلبنا آمن بذلك.
فلا ننسى الجملة الشهيرة من فلم (ذهب مع الريح Gone with the wind) ،

"سكارليت! انظري إلي! لقد أحببتك أكثر من أي امرأة من قبل و انتظرتك مدة أطول من انتظاري لأي واحدة غيرك"
خاصة في مقطع (الانتظار الطويل) تعلمنا أنه طالما يوجد لنا توأم واحد على الأرض فإنه علينا الانتظار طويلا لإيجاده فلا يمكن أن نجده بسهولة أو بوقت مبكر في الحياة.
و كم تعجبنا حين غمغمت ديزي لغاتسبي ،


"تمنيت أنني خضت جميع ما على الأرض معك"

هذا لأننا كنّا على يقين بأن أي تجربة حياتية بدون الرفيق المثالي لنا بجانبنا على الحياة هي مجرد إحماءة و تجهيز للتجارب الحقيقية بجانبه حين يأتي.
و لدينا سيناترا الذي سمعناه كثيرا يردد "it had to be you"  - كان لابد أن تكون أنت - و هو يشرع عن سعادته في انتظار امرأته التي كان سعيدا لأنه يفكر فيها بحزن!
لذلك حين قرأت مقولة أرسطو وأنا في الجامعة، هبطت علي مؤكدة لتوقعاتي و مسلماتي الرومانسية!

في عصرنا الآن كل منا لديه إيمان بوجود توأم روحه في مكان ما في العالم فنحن نحبه/نحبها قبل أن نلتقي، فنكون دوما في رحلة بحث عن هذا النصف الضائع في أطراف العالم لنبدأ بمقارنته في كل علاقة أو حب نمر فيه لننهيها عندما لا يكون الطرف الآخر بكمالية مواصفات هذا التوأم الذي نبحث عنه.
كنتيجة لهذا كله يدخل البعض و يخرج من علاقات كثيرة متتالية بلا جدوى لأنهم لم يعثرو على المواصفات المتكاملة في عقولهم، لأنهم شعور بأن روح الطرف الآخر مستقلة عنهم ولم تلتحم بروحهم ، لأنهم صدقو و آمنو بأنه لا طعم لأي شيء في العالم إن لم تشاركه مع هذه الصورة المثالية للرفيق المنتظر فكأنما توجد حالات شعورية لن يملكوها طالما لم يعثرو عليه متناسين أنها مجرد تعلق بصورة وهمية مثالية عن وجود كائن من لحم ودم يشابهها ، هي صورة فقط لا لحم فيها ولا وجود.
إن أرسطو استحوذ هذه الفكرة من معلمه أفلاطون حيث أنهم في حينها آمنو بأن الأحباب الحقيقين يجذبون بعضهم البعض ليتحدو كما هي أسطورةأن الأجداد كانو ذوو جنسين في جسد واحد ثم انفصلو بعد ذلك ،فانجذاب الطرفين المثاليين لبعضيهما يعني عودة طرفي الجسد إلى جسد واحد مرة أخرى.





هكذا كنت أنتقد عبارة أرسطو حتى أن كبرت و قرأت شروحه في كتابه (Nicomachean Ethics) و فهمت حينها ما قصده بتوأم الروح فهو (الصداقة الكاملة) كمقارنة بصداقات المصلحة و الصداقة المحصورة لأجل المتعة فقط .
فقد كتب أرسطو " الصداقة الكاملة هي صداقة الأفاضل من الناس، أي المتشابهين في فضائلهم، كلاهما يتمنى الخير للآخر فهم يشتهون الخير لبعضهم لأنهم فضلاء بذاتهم وليس لسبب آخر . صداقة كهذه ، يتوقع منها أن تدوم لأنها تجمع كل المعايير التي تتطلبها الصداقة"  فبالمختصر، الشريكان المتناسبان يشعرون بالإنجذاب للطابع الأساسي "الفضائلي" بشخصية كليهما! 
أخيرا يكمل أرسطو قوله حول الحب الرومانسي : " إنه يميل لكونه زيادة في الصداقة والتي تذهب لشخص واحد " .
 تروق لي جملة زيادة في الصداقة فأرسطو يعلمنا جميعا درسا مهما للغاية لم نفهمه. إنها فكرة عبقرية أن تجد نفسك في علاقة بحيث أن تكونا جميعا و بشكل طبيعي ترغبان التعامل بشكل رائع مع كليكما بدون جهد مبذول. حين تجد علاقة تكون فيها جيدا مع الطرف الآخر و هو كذلك فقط بمجرد أنكما تتصرفان وفقا لطبيعتكم الحقيقية و تكون هي ما تعبر في الواقع عن عبارة " الحب الحقيقي هو روح واحدة في جسدين" في ذلك الحين، أعتقد بأني سأؤمن بها في الأخير. 

تمت.

No comments:

Post a Comment